عملة البنك الفرنسي – التونسي يخلعون الرئيس المدير العام


في يوم5 أفريل 2011 وعند مدخل المقر الإجتماعي للبنك القرنسي التونسي على الباب الرئيسي ورقة ملصقة كتب عليها " منير القليبي ارحل" وعندما ندخل ونتقدم الى البهو الداخلي أمام المصاعد يعترضنا معتصمون. إنهم موظفوا البنك. نقترب منهم ، وبسرعة تنزل علينا ورقة لا نعرف من أين أتت ونسمع : "هذه مطالبنا" لا تجد الوقت لقراءة سطرا واحدا حتى يصلنا الى الأذنين دفعة من الأصوات المذهلة...

قلت لهم : "من فضلكم ، لا استطيع القراءة والاستماع في نفس الوقت..." يتقدم حينها كاتب العام النقابة ليقول : "لقد رحلنا الرئيس المدير العام منير القليبي من مكتبه". قلت : " الأسباب؟" أجاب: "سوء الإدارة". فكرت قليلا لألقي سؤالا آخرا وأشعر مدى قيمة هذه المطالب : " هل لكم الحق في ذلك؟". فجاءت الاجابات عديدة من حيث لا أدري : "نعم!" ثم هتف آخر من الوراء "... وغدا سوف نعرض للتصويت ولجميع الموظفين قائمة اسمية لمن يرى في نفسه الكفاءة لرئاسة البنك". وفي خضم الحوار الذي تبادلته معهم استعمت: " سجلنا عجزا كبيرا في حسابات البنك سنة 2010" ثم آخر "بدل الحفاظ على حرفائه قام هذا الر م ع بتهجير50 حريفا شهريا الى البنوك المنافسة"...

لنفهم ما حدث يجب أن نعود إلى سنة 2008 ، عندما عين السيد منير القليبي رئيسا مديرا عاما على البنك التونسي القرنسي خلافة عن السيد شاهير الزلاوي وفي ظروف مماثل تماما. كان منير القليبي في ذالك الوقت ابن المؤسسة كما يقال عليه "ولد البانكة" كانت صفته مديرا عاما وهو المرشح المثالي بالإجماع لقيادة وإدارة البنك عوضا عن الرئيس المتخلي شاهير الزلاوي ، و من بين الملفات الساخنة التي لا بد معالجتها ملف قضية عبد المجيد بودن. كانت كل الحسابات ترجح منير القليبي كأكبر خبرة والمرشح الوحيد لقفل ملف بودن بصفة نهائية.

من هو عبدالمجيد بودن؟

في الأصل هو محام ، لكن إعتلى منصب رئاسة مجلس ادارة البنك الفرنسي التونسي. وفي عام 1987 ، وبحفنة قليلة من ملايين الدينارات اشترى كمية كبيرة من أسهم البنك من خلال صفقة ، تشاع أنها مشكوك فيها، وهكذا نشأ نزاع عند هذه المرحلة وتقدمت القضايا في دوائر قضائية عالمية ومازالت مراحل التقاضي لا تفصل الى حد هذا الى اليوم. الشركة التي يديرها السيد بودن هي اتحاد رجال الأعمال العرب للاستثمار ABCI ومنذ عام 1987 أصدرت هذه الشركة دعاوى قضائية ضد الدولة التونسية ، البنك الفرنسي التونسي والشركة الأم الشركة التونسية للبنوك... وبعد مرور السنوات و تواتر القضايا المربوحة والمخسورة تحصل بودن سنة 2008 على حكم قضائي من محكمة سويسرية ، المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار ويعتبر الهيكل المسؤول التابع للبنك الدولي على حل النزاعات بين الدول والمستثمرين الأجانب ، يجبر فيه البنك التونسي الفرنسي دفع أكثر من 3 مليون دينار لفائدة شركة بودن لكن لم يسع بودن بهذه المرحلة من التقاضي وقام بإجراءات جديدة للمطالبة ب 900 مليون دينار...

رأس مال البنك الفرنسي التونسي 5 مليون دينار وفي آخر إختبار مالي حدده الخبراء مع احتساب الممتلكات العقارية حوالي 45 مليون دينار وبالرغم من هذا الرقم المحترم لم يتقدم لها الشاري المرغوب فيه، ولا يزال الخوف يستدعي التأمل وانتظار مآل القضايا وماذا سيحصل مجددا من مراوغات في تنفيذ الاحكام لكن وبالرغم من تراكم هذه المشاكل ومع الإنتقالات العشوائية التي شهدها المقر الإجتماعي للبنك في عديد من المناسبات يعيش ال 230 موظف حالات إرهاق وتدهور ظروف العمل وبعدما طال انتظرهم الى الوصول الى الانتعاشة المرغوب فيها فهم يعيشون اليوم كعامة التونسيين فترة ثورة على طريقتهم وبكل شجاعة "رحلوا" رئيسهم وأخذوا زمام الإدراة ترجع المياه الى مجاريها العادية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

L'Europe est beaucoup plus qu'un territoire géographique

Mohamed Mejri, de Lampedusa au yacht de Tarak Ben Ammar